تابعني على اليوتيوب قناتي MRUAE81

18‏/04‏/2009

اليد الصغيرة ...



المكان : لندن


الزمان : الكريسماس



خرجت "كاثرين" مع ابنها من محلات Harrods و يدها محملة بـ أكياس مشترياتها

لـ يوصد خلفها بوابة المحل و يسكت مع انغلاقه أصوات المتسوقين في الداخل


وضعت أغراضها على الأرض بعدما تقدمت قليلاً عن البوابة لـ تتجنب

اندفاع الناس إلى داخل المحل

فلا أحد يريد أن تفوته فترة الخصومات في الكريسماس


انتصبت واقفة لـ تعدل وضع الوشاح على عنقها

و هي تنادي على ابنها

" Joey "


ابنها الذي يتقافز فرحاً بـ كمية الألعاب التي اشتراها اليوم

" wow ! "

و هي كذلك نالت حظها من الشراء

فقد اشترت حذاء D & G و ساعة من Mont Blanc

و مستحضرات تجميل من Lancome

و مجوهرات من Emporio Armani و Swarovski

و ملابس من Roberto Cavalli و Louis Vuitton

و حقيبة يد من Gucci


أخرجت هاتفها النقال من حقيبتها تريد الإتصال بـ زوجها

تدق الرقم و تنادي على ابنها

" Joey ، لا تذهب بعيداً "


وضعت الهاتف على أذنها و هي تدفع بـ خصلات شعرها إلى الخلف

و رفعت الأكياس بيدها الأخرى


و في هذه الأثناء

" Execuse me "

التفتت كاثرين إلى جانبها لـ ترى سيدة محجبة في ثياب رثة مهترئة

غلب عليها اللون الأخضر

منكسرة الهيئة

تتمتم في كلمات إنجليزية مكسرة

فاتحة راحة يدها و رافعتها بـ احراج و خجل إلى مستوى ناظرها

تطلب المال


اشاحت كاثرين بـ وجهها بعيداً عنها بعدما رد زوجها على الخط

" لقد انتهينا من التسوق "

تكلمه و هي تقترب من الواجهة الجانبية لمحل هارودز

لـ تنظر إلى حقيبة Christian Dior المعروضة هناك

" سآتي في الحال "

اغلقت الهاتف و هي تمعن النظر في الحقيبة



امسكت يد صغيرة يدها

ظنت أنه ولدها Joey

و أتبعتها اليد الأخرى للولد

و شد يدها بـ رفق للأسفل

شعرت معه كاثرين بـ شعور غريب

تغيرت معه ملامح وجهها


نظرت للأسفل

و استغربت !!

" من يكون هذا الولد الصغير !! "

سحبت يدها من بين يديه الصغيريتين


نظرت للأعلى فـ رأت السيدة الفقيرة بالقرب منه

حملقت فيها قليلاً

و على الفور - و لا إرادياً - أخرجت بعض النقود المعدنية من حقيبتها

و اعطتها لها

لا تدري كم أعطتها

و لا تعلم ما الذي دفعها للتصرف بكل هذه العفوية


" Thank you "

شكرتها السيدة مبتسمة و منحنية برأسها


رجعت كاثرين إلى ولدها

الذي كان هو الآخر يطالع إحدى واجهات المحل

امسكت يده

" هيا لنذهب "

متجهة إلى مقر عبور المشاة

حيث سيلاقيها زوجها على الضفة الأخرى من الشارع


الإشارة مازالت خضراء

و ذلك الشعور ما زال يدور في نفسها

و هي تفرك بـ إبهامها على باقي أصابع يدها

ما زالت تحس بـ قبضة يدي ذاك الولد


ما عساه أن يكون يا ترى ؟

هل هو طلب الحنان ؟

عنده أمه و هي أكثر شفقة عليه من غيره


واجهت السيدة مرتين

و لم تعطها في المرة الأولى

فـ ماالذي غير رأيها !!



تنهدت كاثرين و هي تنظر إلى الخلف حيث تركت تلك السيدة

تراها الآن أكثر وضوحاً من ذي قبل


امتد نظرها إلى الرجل الجالس على درجات محل ماكدونالدز

و هو يأكل الطعام من الكيس

كم انتظر هذا المسكين حتى حصل على سعر الوجبة



نظرت هنا و هناك و بين الأزقة و الممرات

فقراء و مساكين

يعيشون في عالم كـ أنه مواز لـ عالمنا

يرونا و لا نراهم



لا نسلم أو نلقي التحية عليهم

نتجاهل وجودهم

رغم أنهم بشر و يتكلمون لغتنا

و السبب هو فقرهم المقجع


لا نحس بـ معاناتهم لهذا لا نتصدق بأموالنا



حفنة قليلة من المال أدخلت السعادة على قلبي المرأة و ولدها

و في المقابل

كم أصرف في تسوقي و مشترياتي

دولابي مليء بـ 50 زوجاً من الأحذية

و بعض الملابس مازالت في قراطيسها لم استعملها حتى الآن

اشتري كثير من الأشياء فوق حاجتي



تنهدت كاثرين و قالت

" إنها الرحمة "

فلقد أرسلنا الله إلى هذا العالم لنكون رحماء فيما بيننا

و يساعد بعضنا بعضاَ

لكننا للأسف مجتمعات أنانية

لا يفكر كل شخص إلا في نفسه و رفاهيته


هناك الكثير ما يمكن أن أفعله لـ خدمة الناس



تلك اليد الصغيرة كانت تبحث عن حق الوجود

و حق الاعتراف

و حق طلب الرحمة



تحولت الإشارة إلى حمراء

و انطلقت كاثرين تعبر الشارع ممسكة بـ ولدها

و انطلق معها هدف جديد في حياتها

*****

متى آخر مرة تصدقت ؟!!

*****

الهيئات الخيرية

تقتطع جزء بسيط من معاشك ( 100 - 150 ريال ) لكفالة يتيم شهرياً



مراكز التسوق

يوجد في أركانها صناديق لـ جمع التبرعات

فـ احرص أن تجعلها عادة لديك

كل مرة تروح المول ... تتصدق بـ صدقة

فـ قليل متصل خير من كثير منقطع



في الإمارات

انشيء صندوق الزكاة

و هو يستخدم تقنية حديثة في جمع التبرعات

حيث توجد أجهزة الإيداع الآلية

على غرار الصراف الآلي

في بعض مراكز التسوق

،

صدقة السر تطفئ غضب الرب


و من السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة

يوم لا ظل إلا ظله

رجل تصدق بـ صدقة

لا تعرف شماله ما أنفقت يمينه


يعني ...

ما يقعد يطلع البوك و يدور على الريال ولا الخمس الريالات

لا

تصدق و هو لا يعرف قيمة ما أعطى

*****

دراهم قليلة ... لن تكلف الكثير من رفاهيتي

تابعوني
يوتيوب
www.youtube.com/c/mruae81
أرسل الموضوع على:

أرشيف المدونة الإلكترونية

التسميات

أرشيف المدونة الإلكترونية

اضغط على المتابعة

Pages

قائمة المدونات

تسوق في أمازون

اضغط على التسميات