تابعني على اليوتيوب قناتي MRUAE81

17‏/02‏/2007

قصة الشاب الصيني ... الهروب من المعتقل


" لقد دفعت لها كل ما أملك من مال ، حجزت لها الفنادق الراقية و تذاكر السفر على حسابي "

" رصيد حسابي أصبح صفراً " و هو يشير بـ يده على هيئة الصفر

سألته

" لماذا فعلت كل هذا ؟ هل كنت تريد أن تتزوجها ؟ "

" ليس تماماً "

قالت الألمانية

" الشباب !! ينخدعون بـ كل سهولة من الحسناوات "

" لكن هذا لا يمنعني من فعل الخير و مساعدة الغير ، فقد مررت بأوقات عصيبة في طفولتي "

سألته

" و كيف ذلك "


* Cambodia *

لقد ولدت و ترعرعت في كمبوديا

و عاشت عائلتي بأمن و سلام هناك قبل قدومي إلى الدنيا

قبل انتقالنا للعيش في استراليا

مرغمين و هاربين من الحاكم الشيوعي الطاغية في تلك الحقبة


* النظام الخميري الحاكم *
1975 - 1979

استولى الشيوعي المدعو بـ Pol Pot على الحكم في كمبوديا

على غرار خسارة أمريكا للحرب ضد فيتنام

و أول شيء فعله هو دفع الناس للمغادرة الإجبارية للمدن بحجة أن أمريكا قد تقوم بقصفها

صدقه الناس حين بدا ذو توجه مسالم في بادئ الأمر

و تركوا منازلهم و لم يعلموا ما ينتظرهم من مصير دموي هو الأسوأ في تاريخ آسيا المعاصر


تحركت أنا و عائلتي إلى تلك الأرياف و التي تبينت لاحقاً أنها لم تكن سوى " معسكرات اعتقال "

قلت مصادر الأكل و أجبرنا في العمل في الحقول و المزارع ، أوهمونا أن الإجلاء كان

لتقريب الناس من مصادر الطعام بسبب عدم كفاءة المواصلات لأيصالها لهم

لكن دوافع هذا التحرك الحقيقية هو كره لكل مظاهر التمدن و المحاكاة للحياة الغربية

و من أجل تحويل كمبوديا إلى دولة فلاحين و ليقتلع كل مظاهر الحياة المدنيّة الحديثة منها

و بالتالي يكسر شوكة أي تنظيم جاسوسي للعدو بحكم العدد السكاني القليل في المدن


* مسلسل الإرهاب *

عزلنا تماماً عن العالم الخارجي

و نضب الأكل حتى بان العظم من جلدة أبي

النظام الحاكم الجديد حاصر و أعدم أي شخص له علاقة بالحكومة السابقة

من الشرطة و ضباط الجيش السابقين و أفراد الحكومة

بل تعدى ذلك ليصل إلى أبادة أهليهم و ذويهم

لكيلا تبقى ذرة انتقام في قلب أي شخص يعيش في كمبوديا


الإعدام لم يتوقف عند هؤلاء فحسب

بل شمل كل من هو متعلم و مدرس

و كل من يرفض العمل و كثير الشكوى و المرضى

و كل من ينتحب على فقيده أو يمارس الشعائر الدينية

تنوعت طرق الإعدام

و استخدمت الفأس أحياناً للتوفير من الذخيرة

الجوع و و انتشار المرض كـ الملاريا ساهم في إبادة الكثيرين


ذلك اليوم المشؤوم

حين اقتاد الجنود أبناء عمي خارج المعسكر

و ما هي إلا لحظات حتى سمعنا دوي رصاص من بعيد

إيذاناً برحيلهم عن عالمنا


* الهروب من المعتقل *

في تلك الأثناء

كسب أبي صداقة و ثقة بعض الحراس

عن طريق تهريب السجائر إليهم

- أبي الذي لم أتوقعه أن يعيش إلى يومنا هذا -

عاهده أحدهم أن يعاونه في الهرب من هذا المعتقل

بعد أن يرتب له مع مرشد ليدله إلى شاطىء الأمان


أيقظني أبي ذات ليلة و قال " حان الموعد "

و رأيت أمي و أختاي و جدتي جاهزين جميعاً

و الحارس واقف عند الباب


*******

التففنا حول أبي و أومأ بـ رأسه إلى الحارس

أنّا جاهزون

انطلقنا في تخافت نحذر حتى الدوس على الحشائش

السكون مخيف من حولنا

لا حركة و لا همس و لا حتى ضوء مصباح

لا نسمع سوى صرير الحشرات


وصلنا سياج المعتقل حيث وجدنا المرشد و معه ينتظر

أمل الخلاص من براثين هذه الحياة القاسية


* حقل ألغام *

تقدمنا المرشد و نحن نتبعه في خضم هذا الليل المظلم

خطواته لا نكاد نراها

يقف أمامنا بـ مسافة ثم يلوح لنا لـ نلحق به

" من هنا ... من هنا "

كان علينا أن نسلك مساراً محدداً

لكيلا تطأ أقدامنا أحد الألغام المزروعة يمنة و يسرى

و في الوقت ذاته أن لا نثير انتباه مراقبي الأبراج

تجاوزنا الحقل بـ نجاح

و دخلنا في معمعة الغابات

لكن جدتي البالغة الـ 80 سنة أصابها بعض الإرهاق

فـ تباطأت حركتنا و تأخرنا بـ اللحاق بـ المرشد

حتى توارى عن الأنظار !!


* القرار الصعب *

مشينا على سجيتنا إلى أن وصلنا إلى مفترق طرق

لا نملك أدنى فكرة في أي الطريقين ذهب فيه المرشد

توجب علينا الاختيار بـ أسرع وقت

فـ إما أن نخطأ و نهلك أنفسنا

و إما أن نصيب و نلحق بـ ركب الحرية

الصمت يخيم علينا

و جميعنا نحدق في الممرين

حتى أشرت بيدي

" لـ نذهب من هذا الطريق "

عمري كان حينها 4 سنوات

كانت فرصة النجاة في تلك اللحظة 50%

و لحسن الحظ وفقت في اختياري

حيث كان هناك المرشد و تابعنا معه مشوارنا

بـ اتجاه البحر


* لسنا الوحيدين *

اتبعنا المرشد نحو احدى مراكب الصيد

و سلمنا إلى البحار و صعدنا على متن المركب

لـ نجد قرابة الـ 40 شخص محشورين في البهو

نزلنا معهم و رأيت في أعينهم

النظرات التي اختلطت بـ أمل مرغوب مع خوف من المجهول

تحرك بنا القارب بهدوء

و من بعيد ، هناك قوارب خفر السواحل الكمبودية

تجوازها البحار دون أي تدخل منهم


* عاصفة *

مع دفات المحرك و أزيز خشب المركب

نمخر عباب هذا البحر متجهين إلى الأراضي التايلاندية

تساقطت زخات مطر و صاح البحار

" نحن مقبلون على عاصفة "

تماسكت الأيادي و احتضنت أمّ صغيرها

زاد ارتفاع الموج و بدأ يرتطم على جدران المركب

برق و رعد مزمجر و بحر هائج

و المركب يتهادى و يتمايل مع كل طود من الأمواج

و هذا يتقيء على ذاك

هدأت العاصفة و مرت تلك الليلة المرعبة بـ سلام


* اقتربنا و لكن *

واصلنا الإبحار و المضي قدماً نحو Thailand

و هناك في الأفق البعيد قارب يتجه نحونا بسرعة

و من أول وهلة ظننا أنهم خفر السواحل التايلاندية

و لكن ...

لم يكونوا هم !!

إنهم ... إنهم


قراصنة بحار !

اعترضوا مركبنا و أوقفوا قاربهم بـ جانبه

اعتلى قائدهم المركب و جعل البحار يجثو على ركبتيه امامه

مصوباً مسدسه على رأسه

" أر جوك ... دعهم و شأنهم "

" أتوسل إليك ... اتركهم في سبيل حالهم "

نحن نتابع ما يجري بـ قلق و أبي يشد على يدي

" إنهم مجرد مساكين "

تمعن فينا القرصان لـ برهة

ثم أمر بـ إعطائه كل ما نملك من حلي و مجوهرات و أموال

لبينا له مراده و رحلوا عنا دون أن يصيبونا بـ أذى


* أجمل صباح *

استيقظت صباح اليوم الرابع

و نادى علي البحار

" Hey kid ! Do you want to see the land "

" يا فتى ! هل تريد أن ترى اليابسة "

و بسرعة تسلقت إلى حيث يقود المركب

و يا الله ! ما ألطف هبات هذا النسيم

و ما أروع الشمس و أشعتها المنعكسة على الشواطيء المزدانة بـ الأشجار

" تلك هي تايلاند "

و ستظل ذكرى ذاك الصباح خالدة في ذهني ما حييت

*******


نقلنا بعدها إلى مخيم اللاجئين التابع إلى الأمم المتحدة

و عرضت علينا دول مثل Canada و France و Australia اللجوء إليها

فـ اختار أبي استراليا

و أعطينا مبلغ و قدره 12 $

و عند وصولنا إلى Sydney

توجه بي أبي إلى سوبرماركت

و رآني أحدق في لعبة

" هيا خذها "

اشتريناها بكل ذاك المبلغ 12 $

و لازلت احتفظ بها حتى هذا اليوم


كنا نملك صفر من الأموال

أما الآن فـ كلا أختاي مليونيرة و تملكان أكثر من منزل

تدرجنا في كسب الرزق من المقاهي الصغيرة و وصلنا إلى ما نحن عليه الآن

و أنا حالياً أعمل موظف في مؤسسة مالية


جدتي قالت لي مرة

" كن دائم الشكر لله "

و هذا هو مبدأي في الحياة

,
,


انتهى ...

*******


تهون على المرء مصائبه إذا علم بـ مصائب الغير

الأمل في الحياة هو الإيمان بـ الله

و عندما تيأس و تفقد الأمل فـ أنك تفقد الثقة بـ الله

" إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " ( يوسف : 87 )


** القصة حقيقية **

** تايلاند معناها أرض الحرية **


تابعوني
يوتيوب
www.youtube.com/c/mruae81
أرسل الموضوع على:

هناك 3 تعليقات:

  1. غير معرف28/4/12

    الف شكر على القصة المؤثرة
    تفاعلت مع احداثها كثيرا
    حقا الانسان لايدرك حجم النعم التي يعيش فيها
    الا اذا شاهد معاناة غيره في سبيل الحصول على ابسط
    الامكانيات
    شكرا جزيلا
    شذى الريحان

    ردحذف
  2. غير معرف15/1/14

    اهو صيني عايش في كمبوديا ... ان شاء الله فهمت كويس .. لكن عندي سؤال غبي ليش ما كانو عايشيين فب دولتهم الام و ليش منتقليين لهدوله بذات

    قصة كمبوديا و شعبهم كثيير محزنننه ... و تكسر القلب



    تهون على المرء مصائبه إذا علم بـ مصائب الغير

    الأمل في الحياة هو الإيمان بـ الله

    و عندما تيأس و تفقد الأمل فـ أنك تفقد الثقة بـ الله

    " إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " ( يوسف : 87 )


    كنت يأسه و حزينه كثير بسبب موضوع مواد الجامعه .. لكن اكيد خير امري بعد هالخاتمه الرائعه

    ردحذف
  3. ما سألته، لكن أعتقد أنه والده كان عنده عمل هناك

    ردحذف

ادلو برأيك في الموضوع

أرشيف المدونة الإلكترونية

التسميات

أرشيف المدونة الإلكترونية

اضغط على المتابعة

Pages

قائمة المدونات

تسوق في أمازون

اضغط على التسميات